772 ـ معمر محمد القذافي (1361هـ ـ ) (1941م ـ )

عسكري ورجل دولة، قائد ثورة الفاتح من سبتمبر 1969م، ورئيس الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية (1969م ـ ) ولد معمر القذافي في بلدة سرت، وكانت أسرته تعمل في الزراعة وتربية المواشي، والتحق بالكلية الحربية في بنغازي عام 1963م وتخرج فيها عام 1965م، ثم أُوفد في بعثة إلى بريطانيا حيث تخرج في الأكاديمية الملكية العسكرية البريطانية في ساند هيرست.

أشرف على تنظيم الضباط الوحدويين الأحرار الذي قام بثورة الفاتح من سبتمبر 1969م، وأطاحت بعرش أدريس السنوسي الملكي، وأعلن عن قيام الجمهورية العربية الليبية، ورقي القذافي إلى رتبة العقيد، وترأس مجلس قيادة الثورة ورئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة. وأعلنت الثورة تضامنها مع مصر والرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وعملت الثورة منذ البداية على إقفال القواعد الأمريكية والإنجليزية في ليبيا، وطرد الإيطاليين المقيمين في ليبيا. ففي مارس 1970م دخل في مفاوضات مع المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين، كان من نتيجتها إزالة القواعد البريطانية من بنغازي، وقاعدة العظم وطبرق، كما سلم الأمريكيون قاعدة هويلس بعد ثلاثة شهور.

وساند القذافي الحركات الثورية في العالم، وفي 1980م قامت القوات الأمريكية باستفزازات في خليج سرت، فقامت القوات الليبية بإطلاق قذائفها عليها. فردت الولايات المتحدة على هذا الحادث، وعلى حادث الانفجار الذي وقع في إحدى النوادي الليلية في برلين واتهمت الأجهزة الليبية بالتورط فيه، وقامت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1986م بشن غارات جوية قصفت خلالها مقر قيادة القذافي في طرابلس الغرب. وفي عام 1989م اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية ليبيا، بالتورط في إسقاط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأبيض المتوسط. كما اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية ليبيا بالتورط في حادث إسقاط الطائرة الأمريكية فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988م. ونتج عن ذلك أن فرض مجلس الأمن عقوبات دولية على ليبيا، ومحاصرتها اقتصاديا، مما أثر على الاقتصاد الليبي، وبالتالي أثر عل مسيرة التنمية الليبية. وفي فبراير 1998م أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي تأكيداً باختصاصها بالنظر في قضية لوكربي. وتدخلت بعض الدول منها مصر والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، وتم التوصل إلى موافقة ليبيا بتسليم المتهمين بتفجير الطائرة الأمريكية فوق لوكربي لمحاكمتهما في هولندا أمام قضاه اسكتلنديين، على أن يتم تعليق العقوبات عن ليبيا لحين الانتهاء من محاكمة المتهمين وتم تسليم المتهمين وتعليق العقوبات المفروضة على ليبيا في أبريل 1999م.

قام القذافي بمحاولات وحدوية مع العديد من الدول العربية، ولكن تلك المحاولات لم تترجم إلى واقع عملي. ومن تلك المحاولات: ميثاق طرابلس في ديسمبر 1969م وكان يهدف إلى التنسيق للوحدة بين مصر وليبيا والسودان. وفي سبتمبر 1971م أدخل ليبيا في اتحاد ثلاثي ضم مصر وسورية وليبيا. وفي سبتمبر 1972م وقع مع مصر اتفاقية الوحدة الاندماجية، إلا أنه بعد ذلك اختلف مع الرئيس محمد أنور السادات فلم تدخل الوحدة حيز التنفيذ. وفي عام 1980م أعلن الوحدة مع سورية. وفي عام 1974م حاول إقامة وحدة مع تونس ولم ينجح. وفي عام 1975م أقام وحدة مع المملكة المغربية ولم تنجح هذه الوحدة أيضاً. وفي 1989م اُعلن عن قيام الاتحاد المغاربي مع دول المغرب العربي.

وأنشأ القذافي الاتحاد الاشتراكي العربي. وفي مارس 1977م أعلن عن قيام سلطة الشعب، وفي 2 مارس 1977م عينه مجلس الشعب العام المنعقد في سبها أميناً عاماً لمؤتمر الشعب العام، وأعلن عن تغيير اسم الجمهورية العربية الليبية إلى الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية. وطرح القذافي ما أطلق عليه النظرية العالمية الثالثة التي عرضها في كتابه الأخضر، والتي تطمح إلى تقديم حلول للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المجتمع الليبي. وفي مارس 1979م أعلن القذافي عن فصل السلطة عن الثورة. وقد جاءت هذه الخطوات تشكل تطبيقاً عملياً للنظرية الثالثة. وأعلن تمسكه بالدين الإسلامي، وانتقد الشيوعية والرأسمالية على حد سواء، ومنع استخدام لغة غير اللغة العربية في ليبيا.

عمل القذافي على استغلال عائدات النفط في تنمية ليبيا في قطاعات الزراعة، وتنفيذ مشروع النهر العظيم لنقل الماء العذب من قلب الصحراء إلى المدن الساحلية. وفي إنشاء كثير من المدارس والمستشفيات وتقديم الخدمات المجانية لكل المواطنين.